تقول قارئة: أختى فى الخامسة والعشرين من عمرها، يبلغ طولها 162 سم، ويزيد وزنها حوالى 40% عن الوزن المثالى.
وذلك لأنها اعتادت أن تتناول الطعام قبل النوم بكميات كبيرة اعتقادًا منها أن الأكل فى هذا التوقيت يساعدها على النوم الهادئ والعميق.
ولكنها حين تستيقظ وتجد نفسها بدينة تبكى وتشعر بالخجل واليأس، وفى حالات كثيرة تنتابها حالات عدم رضا عن نفسها وشكل جسمها.. فهل هى تعانى من إدمان الطعام؟ وهل هى مريضة نفسية؟
تجيب على السؤال الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، قائلة:
"من الواضح أن الشخص البدين ينظر للطعام على أنه موضوع مغرٍ جذاب لا يقاوم، ولكنه مخيف فى الوقت ذاته.
وإذا ما دققنا النظر لرأينا مشهدًا غريبًا لدى جميع مرضى البدانة، بغض النظر عن أنواع الغذاء التى يدمنونها، وهذا المشهد يمثل الغذاء بطريقة ساحرة وفاتنة تشعر الشخص بسعادة وقتية.
وتضيف "عيسوى" أن البدين من الناحية النفسية يحس بأن فى جسمه فراغًا لابد من سده، حتى ولو أزعجه ذلك.
وحتى لو كان أحيانًا يجعله يشعر بـ"القرف" من نفسه، إلا أنه يحس بنقص لا يمكن احتماله.
ولا يعوضه إلا الطعام، فالبدين يشعر بأن الطعام هو الشىء السحرى الوحيد القادر على تخليصه من قلقه النفسى، وتعويض شعوره بالفراغ فى الوقت ذاته.
ومن هنا ينشأ هذا التعلق بالطعام، ذلك الشىء المحبوب والمكروه فى آنٍ واحد، وهذا ما يعرف بـ"ثنائية العواطف"، وهذا الشعور يدفع البدين إلى الحالة التى نسميها بـ"إدمان الطعام".
فالبدين يحقق كفاية نرجسية من خلال الأكل، ولكن هذه الكفاية لا تلبث أن تتحول إلى جرح نرجسى لمجرد رؤية صورته فى المرآة.
على أن مادة الإدمان هنا سهلة ومتوفرة إذ تكفى بعض النقود لشراء المأكولات.
ونستطيع القول، والحديث للدكتورة هبة عيسوى، إن من الأسباب المهمة التى يجب أن تضاف إلى البحث فى أسباب السمنة هى إدمان الطعام، لأن علاج هذه الحالات لا يأتى فقط من خلال إتباع رجيم غذائى أو ممارسة الألعاب الرياضة.
إنما يتجه إلى استبدال هذه الميكانيزمات النفسية غير السوية بطرق جديدة للسعادة وتطبيب الذات والشعور بالإدمان دون اللجوء إلى الطعام، ويتوقف هذا على قدرات وميول واهتمامات كل شخص.
الكاتب: عفاف السيد
المصدر: موقع اليوم السابع